من القطبية الواحدة إلى القطبية المتعددة

لقد صمم  آل روكفلر و شركاؤهم –”شبكة” الأمم المتحدة من أجل ممارسة حكامة عالمية حقيقية على “الوحدات الأصغر” – الكتل الإقليمية:

” الأمم المتحدة [هي] المنظمة الدولية التي لديها اليوم أمل معقول في أن تكون قادرة على تولي المزيد و المزيد من الوظائف و تحمل مسؤوليات كبيرة بشكل متزايد. [. . .] إن روح و نص الميثاق [.] يزيدان من التمسك بالنظام العالمي الذي لا غنى عنه”. [.] [Prospect for America, p. 33] و ” أخيرًا، تقف الأمم المتحدة كرمز للنظام العالمي الذي سيتم بناؤه يومًا ما”. [Prospect for America, p. 35]

تلعب الأمم المتحدة دورا أساسيا في نقل العالم من القطبية الواحدة إلى القطبية المتعددة.
مقر الأمم المتحدة

شرح آل روكفلر و شركاؤهم كيف سيظهر هذا النظام العالمي. و أصروا على أن مفتاح الحكامة العالمية هو «الهيكلة الإقليمية» المتعددة الأطراف. (و هو ادعاء سيكرره المنتدى الاقتصادي العالمي و الآخرون المدافعون عن النظام العالمي متعدد الأقطاب لاحقًا).

لاحظ أن باحثي كيسنجر الممولين من روكفلر استخدموا «الولايات المتحدة» و «نحن »/« نحن» بالتبادل في تقاريرهم. في هذه الحالة، يبدو من الواضح تمامًا من هو «نحن» المشار إليه:

” معظم ترتيبات تعدد الجنسيات الطبيعية غالبا ما تكون إقليمية. [. . .] متطورة تمامًا، و هي تنطوي على اتفاق مشترك بشأن الترتيبات النقدية و ترتيبات الصرف، و انضباط مشترك بشأن المسائل المالية، و حرية حركة رأس المال و العمل. [. . . ] ونعتقد أن هذا النهج الإقليمي له صلاحية عالمية. [. . .] و المطلوب على الفور هو التصميم على التحرك في الاتجاه الذي تنطوي عليه. لم تعد الترتيبات الإقليمية مسألة اختيار. [حيث] يتم فرضها من قبل متطلبات التكنولوجيا و العلوم و الاقتصاد. و يتمثل مسارنا في الإسهام في هذه العملية عن طريق العمل البناء”. [Prospect for America, pp. 188-190]

المصادفة المتعددة الأقطاب

النظام العالمي متعدد الأقطاب ليس جديدًا. كما أنه لا يقف في معارضة ما يسمى بإعادة الضبط الكبرى. كلاهما مجرد نقطتين أخريين على طول الطريق نحو الهدف القديم للحكامة العالمية.

في كتاب ” إعادة الضبط الكبرى ” the Great Reset، أعلن شواب متحدثًا باسم المنتدى الاقتصادي العالمي، أن في عالم متعدد الأطراف، و إقليمي مع سلاسل إمداد أكثر تمركزا، كانت الحكامة العالمية هي الاستجابة «الأكثر طبيعية» للأزمات العالمية. ربما تكون مجرد مصادفة أنه قبل ستين عامًا، نشر آل روكفلر ما يبدو أنه نفس الخطة بالضبط. و ادعوا أن «ترتيبات تعدد الجنسيات الأكثر طبيعية غالبًا ما تكون إقليمية».

ربما يكون من قبيل المصادفة أيضًا، أنه قبل مشروع الدراسات الخاصة لـآل روكفلر، اقترحت “الشبكة” التي كشفها البروفيسور كارول كويجلي، أيضًا نفس نظام الحكامة العالمي القائم على “توازن القوى” متعدد الأقطاب. “

وتدفع هذه المصادفات المرء إلى ملاحظة أن صياغة الخطة المتعددة الأقطاب، تسبق خطة المنتدى الاقتصادي العالمي المماثلة بأكثر من قرن.ويمكن للمرء أن يلاحظ أيضا أن الإخوة روكفلر كلفوا مركز الأبحاث الخاص بهم، “نادي روما”، للحلم بقصص مخيفة حول الكوارث المناخية و نقص الغذاء و المياه و ما شابه ذلك. – ثم  بعد ذلك استخدم المنتدى الاقتصادي العالمي نفس الخرافات كمبرر مزعوم لإعادة ضبطه العالمي. مجرد صدفة! بالتأكيد.

إن كون القادة الاسميين للنظام العالمي الجديد المتعدد الأقطاب يستشهدون باستمرار بالحكايات نفسها.- التي لا يعكس أي منها الواقع-. كسبب لإعادة ضبطهم المقترحة للحكم العالمي، قد يكون بالمثل مجرد مصادفة.

من محافظي البنوك المركزية إلى الأعضاء البارزين في مختلف مراكز الفكر إلى القادة السياسيين، يبدو أن طليعة النموذج الغربي أحادي القطب تقبل حتمية استبدال هذا النظام. من الغريب أن العديد من نفس الأشخاص، في ردهم على الحرب في أوكرانيا، اتخذوا قرارات و دعوا إلى سياسات تُسرّع الانتقال من القطبية الواحدة إلى القطبية المتعددة. مرة أخرى، ربما مجرد صدفة.

تحالف متعدد الأقطاب

يتمثل أحد المبادئ المركزية للنظام العالمي المتعدد الأقطاب المقترح، في تعزيز الالتزام بميثاق الأمم المتحدة، و بالتالي إنشاء حكامة عالمية حقيقية. لطالما دافع الأوليغارشيون العالميون عن نفس النهج تمامًا، و كذلك يفعل القادة المزعومون للنظام العالمي المتعدد الأقطاب. مثال آخر لمجرد الصدفة ؟

طموح الحشد الذي أطلق عليه كويجلي «الشبكة»، مثل طموح مشروع الدراسات الخاصة لـ آل روكفلر، و طموح إعادة الضبط الكبرى الخاصة بالمنتدى الاقتصادي العالمي، و طموح نادي روما، و طموح مجلس العلاقات الخارجية، و طموح مجموعة البريكس، كان ولا يزال دائمًا، الحكامة العالمية. مجرد صدفة، نعم ؟

هناك عدد هائل من الأدلة التي تكشف كيف أن هذه المجموعات المختلفة – أندية و جمعيات سرية أخرى لا يسعنا مجال ذكرها هنا – قد تلاعبت بالأحداث و شكلت السياسة على مستوى العالم. في الآونة الأخيرة، تسارع التحول نحو النظام متعدد الأقطاب بشكل حاد بسبب حدث عالمي كبير (حرب) و استجابة السياسة له. بالتأكيد، مجرد صدفة.

في كل من الصين و روسيا، تستند الحكامة إلى الاندماج المطلق للقطاعين العام و الخاص. و نحن نعلم أن الأمم المتحدة تأسست كشراكة بين القطاعين العام و الخاص. و من المثير للاهتمام أن روسيا و الصين هما العضوان الدائمان في مجلس الأمن الدولي اللذان يتوليان زمام المبادرة في تطوير النظام العالمي المتعدد الأقطاب. يجب أن تكون هذه مصادفة.

تتضمن النظرية السياسية لتعدد الأقطاب عناصر من الفلسفات السياسية و الأيديولوجيات الثقافية، مثل الأوراسية و التيانكسيا، و التي تتناسب تمامًا مع الحكم العالمي.

سنناقش هذه النقط الأخيرة، و أكثر من ذلك، في الجزء 4. لكن اندماج القطاعين العام و الخاص و الفلسفات و الأيديولوجيات المتداخلة المشتركة بين كل من روسيا و الصين، ربما تكون مجرد صدفة أخرى في جدول زمني طويل و متسق بشكل ملحوظ.

إذا كنت تؤمن بهذا النوع من الأشياء.

تأليف إيان دافيس / ترجمة منير علام.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *