احتضنت أندونيسيا قمة بالي لمجموعة دول العشرين يومي 15 و 16 من نونبر سنة 2022. و شارك فيها زعماء الدول الكبرى المنتمية للمجموعة، تحت شعار. “recover together, recover stronger” نتعافى معا، نتعافى بشكل أقوى، و وقع أولائك الزعماء التعهدات التالية:
- “إصلاح إنتاج و توزيع الأغذية.
- زيادة الاعتماد العالمي على مصادر الطاقة المتجددة.
- زيادة المراقبة و الرقابة على ” المعلومات المضللة” على الأنترنيت.
- إدخال جوازات التلقيح الرقمية الدولية.
- تقديم عملات رقمية قابلة للبرمجة“*.
و تزامنت هذه القمة مع مؤتمر المناخ الذي أقيم في شرم الشيخ بمصر ما بين 6 و 18 نونبر 2022. فكل شيء كما يبدو، محكم التنظيم.
فأمر إصلاح إنتاج و توزيع الأغذية، سيعمل المنظمون للقمة على تحقيقه من خلال الالتزام بما يلي:
“سنتخذ المزيد من الإجراءات المنسقة لمواجهة تحديات الأمن الغذائي، بما في ذلك ارتفاع الأسعار و نقص السلع الغذائية و الأسمدة على مستوى العالم […] ضمان مساهمة النظم الغذائية بشكل أفضل في التكيف مع تغير المناخ و التخفيف من حدته، و وقف فقدان التنوع البيولوجي و عكس مساره، و تنويع مصادر الغذاء […] نحن ملتزمون بدعم اعتماد ممارسات و تقنيات مبتكرة، بما في ذلك الابتكار الرقمي في الزراعة و الأنظمة الغذائية لتعزيز الإنتاجية و الاستدامة”.
كما هو معهود في السياسة، فالمخططون يقولون كلاما و يقصدون به شيئا آخر غير المراد السطحي. فبحديثهم عن”التخفيف من تغير المناخ» يقصدون «توفير كميات أقل من اللحوم»، و «تنويع مصادر الغذاء» يعني «أكل الحشرات»، و «الممارسات و التقنيات المبتكرة» تعني اللحوم المزروعة في المختبر”.
تعزيز الطاقات المتجددة:
أما الأمر الثاني المتعلق ب”زيادة الاعتماد العالمي على مصادر الطاقة المتجددة“، فقد التزم المشاركون ” بتحقيق صافي عالمي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري/الحياد الكربوني […] توسيع نطاق نشر توليد الطاقة النظيفة، بما في ذلك الطاقة المتجددة، و كذلك تدابير كفاءة الطاقة، بما في ذلك تسريع الجهود نحو التخلص التدريجي من طاقة الفحم بلا هوادة”.
أيضا هنا كلام ظاهره مخالف لما يراد منه. ف” تحقيق صافي عالمي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري” يعني القضاء على الصناعات المعتمدة على الطاقة الأحفورية. نظرا لأن ثاني أكسيد الكربون المتهم الأول في أمر الاحتباس الحراري يتكدس في الطبقات العليا للغلاف الجوي و يسهم في الرفع من درجة الحرارة. لكن في حقيقة الأمر ،نسبة هذا الغاز لا تتجاوز 3٪ في الجو كأقصى تقدير.
لكن لا أحد يلتفت لكل هذا.
و توليد الطاقة النظيفة، يعني مزيدا من الألواح الشمسية و الدوامات الريحية التي تعتمد في تصنيعها على الفحم. لكن هذا تناقض من أجلنا جميعا!!!!
و بالمرور إلى النقطة الموالية المتعلقة ب”زيادة المراقبة و الرقابة على ” المعلومات المضللة” على الأنترنيت” نجدهم يقولون:
“نحن نقر بأن الاتصال الرقمي الميسور التكلفة و عالي الجودة ضروري للإدماج الرقمي و التحول الرقمي، في حين أن بيئة الإنترنت المرنة و الآمنة ضرورية لتعزيز الثقة في الاقتصاد الرقمي […] نحن نقر بأهمية مكافحة حملات التضليل و التهديدات الإلكترونية و إساءة الاستخدام عبر الإنترنت و ضمان الأمن في البنية التحتية للاتصال”.
فهم هنا يستعملون الأمن الرقمي لتضليل معنى الرقابة و المراقبة. و يستعملون الاتصال الرقمي الميسور و الإدماج الرقمي للوصول إلى التحول الرقمي، أي السيطرة الرقمية.
يبدو أن وزير العدل بالمغرب تحدث عن أمر المراقبة الرقمية. من جديد، فالأمر كله لحماية حريتنا، لا داعي للقلق!!!!!
وباء جديد:
و لم يقتصر الأمر على هذه النقط، بل تعداها إلى العودة من جديد للحديث عن وباء عالمي قادم. و ذلك طبعا يستدعي مزيدا من التأهب. من أجل ذلك التزم الزعماء أيضا “بتعزيز إدارة الصحة العالمية، مع الدور القيادي و التنسيقي لمنظمة الصحة العالمية و الدعم المقدم من المنظمات الدولية الأخرى. و نؤيد عمل هيئة التفاوض الحكومية الدولية التي ستصوغ و تتفاوض بشأن صك ملزم قانونا ينبغي أن يتضمن عناصر ملزمة قانونا و غير ملزمة قانونا لتعزيز [التأهب] للوباء”.
فالتأهب للوباء يستدعي توظيف القانون لصياغة صك ملزم، يعني جواز تلقيح من نوع جديد بمعايير جديدة. و لذلك نجدهم يقولون،” نعترف بأهمية المعايير التقنية المشتركة و طرق التحقق، في إطار الإجراءات الصحية الدولية IHR (2005). لتسهيل السفر الدولي السلس، و قابلية التشغيل البيني، و الاعتراف بالحلول الرقمية و الحلول غير الرقمية، بما في ذلك إثبات التطعيمات. نحن ندعم الحوار و التعاون الدوليين المستمر بشأن إنشاء شبكات صحية رقمية عالمية موثوقة”.
نلاحظ أنهم يتكلمون عن المعايير التقنية. أي سيمهدون لتوظيف الذكاء الاصطناعي في مراقبة الناس، لتسهيل إنشاء شبكة رقمية أكثر مراقبة و أكثر صرامة.
تنزيل العملة الرقمية:
و هذه خطوة، لا شك أنها ستكون مقدمة أساسية لاعتماد العملة الرقمية، من أجل ذلك يصرحون، ” نرحب بتقرير لجنة المدفوعات و بنية الأسواق التحتية (CPMI) التابعة لمصرف التسويات الدولية (BIS) حول أنظمة الدفع المترابطة [و] التقرير المشترك لبنك التسويات الدولية (BIS)، لجنة المدفوعات و البنية التحتية للأسواق (CPMI)، مركز الابتكار لبنك التسويات الدولية (BISIH)، صندوق النقد الدولي ( IMF) و البنك الدولي، حول خيارات الوصول إلى العملات الرقمية للبنك المركزي (CBDCs) و قابلية التشغيل البيني للمدفوعات العابرة للحدود”.
فالعملة الرقمية ستمكن الدولة العميقة من مراقبة كل العمليات، و تصنيف الناس إلى مجموعتين: خاضعة و رافضة.
الخاضعون لن تجد الدولة صعوبة في ضبطهم، لكن الرافضون ستطبق في حقهم عدة إجراءات، من قبيل؛ المنع من السفر، المنع من البيع و الشراء، و ذلك ليس من خلال الحجر الصحي كما سبق، بل فقط من خلال إيقاف تشغيل العملة الرقمية.
فرقمنة الصحة و العمل و العملة ترمي لفرض هوية رقمية ممتدة، ستجعل من العالم أكثر خضوعا و تحكما، و هذا ما تعمل الصين على تطبيقه من خلال ” نظام الائتمان الرقمي”، و هو نموذج يستهوي الدولة العميقة، لذلك يبدو أن العالم كله يسير في الطريق التي ترسمها الصين.
و هنا، ” تذكير بسيط لأولئك الذين ما زالوا يعتقدون أن روسيا تخوض معركة جيدة ضد الأشرار العالميين في أوكرانيا – روسيا عضو في مجموعة العشرين و وقعت التعهد، كما فعلت الصين، إلى جانب كل عضو آخر في البريكس” .
فنحن البسطاء في تفكيرنا و إدراكنا، يصعب علينا تصور حجم التخطيط و ثقل التنفيذ الذي تعمل عليه المخططات البطيئة و الطويلة الأمد، لكن ببحث بسيط يتبين لنا القليل من ذلك، لكن ينقصنا الاستعداد للتغيير و البحث عن بدائل.
فحياتنا تبتعد عنا، إن لم نستيقظ.
________
*: تم أخذ الاقتباسات من الموقع التالي : https://off-guardian.org/2022/11/18/g20s-globalist-pledge-commits-to-vaccine-passports-digital-currency-much-much-more/
