خدعة الاحتباس الحراري

تأسست منظمة نادي روما سنة 1968 على يد رجل الاقتصاد الإيطالي أورليو بيشي و العالم الإسكتلندي ألسكندر كنج و رجل الأعمال الأمريكي دافيد روكفيلر. فنادي روما “منظمة من الأفراد الذين يتبادلون اهتماما مشتركا بمستقبل البشرية و يسعون جاهدين لإحداث الفرق. أعضاء المنظمة هم أكاديميون بارزون و رجال أعمال و صانعو سياسات من جميع أنحاء العالم”.

و قد انصب اهتمام المنظمة على البيئة التي باتت تعرف عدة تغيرات بسبب الاحتباس الحراري. و لم تُقصِّر المنظمة في ترويجها للأفكار التي تقول بأن العالم معرض للدمار إذا لم يتم اتخاذ إجراءات حقيقية. لكن مع مرور الزمن تبين للكثير من الدارسين أن الاحتباس الحراري مجرد خدعة تختبئ من ورائها أجندة عملاقة متشعبة تتخذ من التنمية المستدامة حصان طروادة.

لقد اتخذ نادي روما من خدعة الاحتباس الحراري قضية محورية لأزيد من أربعة عقود. و ألقى اللوم على غاز ثاني أكسيد الكاربون. الذي يعمل على تكوين طبقة سميكة في الغلاف الجوي تعكس الأشعة ما دون الحمراء المعكوسة من سطح الأرض. لكن علماء المنظمة يضربون عرض الحائط كل الحقائق العلمية التي تقول بأن غاز ثاني أكسيد الكاربون ضروري لنمو النبات. لأنه يدخل إلى ” النباتات من خلال المسامات الصغيرة الموجودة على الأوراق. تدعى هذه المسامات بالثغور. داخل الورقة، يستخدم النبات الطاقة المستمدة من أشعة الشمس ليستخلص غاز ثاني أكسيد الكربون و يستخدمه لبناء الجزيئة السكرية التي تدعى الجلوكوز. يستخدم الجلوكوز بعد ذلك لصنع كربوهيدرات (سكريات) أخرى (مثل السليولوز) الذي يشكل جسم النبات”. لذلك ” تحتاج النباتات إلى غاز ثاني أكسيد الكربون. لأن من دونه لن تحدث عملية التركيب الضوئي و لن يتمكن النبات من البقاء”.

أساس البيوت الدفيئة

بناء على هذه القواعد العلمية طور الإنسان عدة طرق من أجل الرفع من الإنتاج الزراعي. و اعتمد في ذلك على البيوت البلاستيكية أو البيوت الدفيئة التي تعمل على خلق الدفئ داخل مكان محدود من خلال الاحتفاظ بالأشعة ما دون الحمراء التي توفر القدر الكافي من غاز ثاني أكسيد الكاربون الذي بدونه لن يستطيع النبات البقاء على قيد الحياة. ” فقد اتضح أن مشغلي البيوت المحمية[الدفيئة] يحقنون طوعا ثلاثة أضعاف كمية ثاني أكسيد الكربون في البيوت المحمية التجارية مقارنة بما هو موجود في الغلاف الجوي. فالنتيجة التي يمكننا ملاحظتها هي أن النباتات تنمو بشكل أسرع و تكون أكبر، و أنها أكثر مقاومة للأمراض و الحشرات المدمرة، و أن عملية التمثيل الضوئي لديها أكثر كفاءة بكثير. و بالتالي فهي تستهلك كمية أقل من الماء”. إذن كيف يكون ثاني أكسيد الكاربون نافعا داخل البيوت البلاستيكية و ضارا خارجها؟. و لماذا يريد نادي روما التخلص من هذا الغاز الحيوي؟

تبين البيوت البلاستيكية خدعة الاحتباس الحراري التي ترعاها المؤسسات الدولية.
نموذج البيوت الدفيئة.

الغاز المفترى عليه

أولى عالم المناخ الهنغاري إستفان ماركو اهتماما كبيرا لغاز ثاني أكسيد الكاربون و اعتبره غاز الحياة. لأن “بدون ثاني أكسيد الكربون لن تكون هناك نباتات. و بدون النباتات لن يكون هناك أكسجين و بالتالي غياب الإنسان”. و بحكم تدريسه الكيمياء العضوية في الجامعة الكاثوليكية ببلجيكا. قال إستفان ماركو أن غاز ثاني أكسيد الكاربون يمثل نسبة 0,04 % في الغلاف الجوي، بينما يمثل بخار الماء 2%. و هذا يعني أن بخار الماء أكثر تركيزا في الغلاف الجوي و بالتالي أكثر ضررا على المناخ. لكن لا يتم ذكر هذا و يبقى اللوم فقط على غاز الحياة.

كما أجرى أستاذ الكيمياء العضوية مقارنة بين حجم غاز ثاني أكسيد الكاربون في الماضي و الحاضر. حيث قال” إذا درسنا ما كان يحدث على المستوى الجيولوجي لعدة ملايين من السنين.فإننا ندرك أن الفترة الحالية تتميز بمستوى منخفض للغاية من ثاني أكسيد الكربون. خلال العصر الجوراسي و الترياسي و ما إلى ذلك.ارتفع مستوى ثاني أكسيد الكربون إلى قيم تجاوزت أحيانا 7000, 8000, 9000 جزء في المليون. و هو ما يتجاوز إلى حد كبير 400 جزء في المليون التافهة التي لدينا اليوم. لم تكن الحياة موجودة فقط في تلك الأوقات البعيدة عندما كان ثاني أكسيد الكربون موجودا بتركيز كبير في الغلاف الجوي.بل النباتات مثل السرخس وصلت عادة إلى ارتفاعات تبلغ 25 مترا.

و بالمثل، فإن الحد من وجود ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي… من المرجح أن يضر بصحة و حتى بقاء العديد من النباتات. من الواضح أن الانخفاض إلى ما دون عتبة 280 أو 240 جزء في المليون سيؤدي إلى انقراض مجموعة كبيرة و متنوعة من أنواعنا النباتية”.

و هذا يعني أن ما قلناه قبل قليل عن البيوت الدفيئة ينطبق على الغلاف الجوي. لأن “ارتفاع مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي يجعل النباتات تحتاج إلى كميات أقل من المياه. و بالتالي تصبح قادرة على استعمار المناطق القاحلة”.

يوضح المبيان أن درجة الحرارة كانت منخفضة عندما كان حجم غاز ثاني أكسيد الكاربون مرتفعا. لكن بالمقابل انخفاض حجم هذا الغاز يؤدي إلى ارتفاع درجة الحرارة.

يجب استمرار الخدعة

لقد اتخذت المؤسسات الغربية من خدعة الاحتباس الحراري موضوعا تزيف به وعي الشعوب الغربية و العالمية على حد سواء. و ذلك من خلال نشر المعلومات المزيفة التي تضرب عرض الحائط بكل الحقائق العلمية و تتهم كل مخالف باتباع نظرية المؤامرة. ف”على سبيل المثال، فإن العلماء و الاقتصاديين و المهندسين و غيرهم من الأكاديميين الذين بلغ عددهم 1800 قد وقعوا على إعلان المناخ العالمي .- و الذين نصوا على عدم وجود أزمة مناخية -. لا يعتبرون أعضاء في “السلطات المعرفية“. فقط أولئك الذين يوافقون على ما تقرره الدولة هم موضع ترحيب”.

إن نادي روما الذي بدأ بخدعة الاحتباس الحراري و يتابع تطوراتها بشكل دقيق. يحظى بمكانة كبيرة أهلته لتنظيم “اجتماعات بين رؤساء الدول و أفراد العائلات المالكة و قادة الأعمال و الممولين الدوليين و الباحثين الأكاديميين و علماء المختبرات و مديري مؤسسات الحكامة العالمية. مثل الأمم المتحدة و البنك الدولي، و صندوق النقد الدولي ، و منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية على غرار هيكل “المائدة المستديرة” لمجموعة بيلدربيرج، و المعهد الملكي للشؤون الدولية، و مجلس العلاقات الخارجية. كما يقوم نادي روما بتسيير الاجتماعات حيث يخطط المندوبون للاقتصاد العالمي من خلال إدارة القطاعين العام و الخاص للموارد الطبيعية و البشرية في العالم وفقا للتنمية المستدامة”.

تزييف الوعي أساس الخدعة

لقد بات واضحا أن التحول المناخي يعتبر القضية الأساس لكل هذه المؤسسات. التي تعمل جاهدة على تجديد القرارات و تحديث الإجراءات من أجل تمرير الأجندات المراد تحقيقها. و من أجل تشويه وعي الشعوب لكي تقبل بما يقال و تقتنع بأنها طرف في المشاكل البيئية. لذلك يَعتبر نادي روما أن “الأزمات الحديثة هي في الواقع من صنع الإنسان. و تختلف عن العديد من سابقاتها في إمكانية التعامل معها”. لهذا “يبدو اليوم أن القيم الأساسية المتأصلة في المجتمعات البشرية على اختلاف إيديولوجياتها و معتقداتها الدينية هي المسؤولة في نهاية المطاف عن العديد من مشاكلنا“. و ما دام الأمر متعلق بالقيم و العادات. فإن ذلك يفرض على العولميين القول بأن “التغييرات في المواقف الاجتماعية و الفردية التي نوصي بها تتطلب نوعًا جديدًا من التعليم”.

إن تغيير وعي و قناعات الشعوب ليس بالأمر الهين. لأن ذلك يتطلب عملا مضنيا و سنين طويلة من البرمجة حتى يصبح ما يراد تحقيقه جزءا من فكر الشعوب و تدافع عنه بكل قوة. و في زمننا هذا صار الإعلام من أخطر الوسائل التي تخدر وعي الشعوب و تسحر عقلها. فالمنظمة تصر على وجوب “تطوير وعي عالمي يدرك من خلاله كل فرد دوره كعضو في المجتمع العالمي… و يجب أن يصبح جزءا من وعي كل فرد أن “الوحدة الأساسية للتعاون الإنساني و من ثم البقاء هي الانتقال من المستوى الوطني إلى العالمي”. كما “يجب تطوير أخلاقيات جديدة في استخدام الموارد المادية و التي ستؤدي إلى نمط حياة متوافق مع عصر الندرة القادم… يجب على المرء أن يفخر بالادخار و المحافظة بدلاً من الإنفاق و الإسراف”.

التهديد بارتفاع مستوى سطح البحر

فالمنظمات الدولية تعلم جيدا أن التخويف أحسن وسيلة لفرض ما تريد على أرض الواقع. لأن كل شعوب العالم تخشى السيناريوهات السيئة، و تريد العيش في سلام و لا يضيرها التخلي عن جزء من حريتها. لذلك تعمل وسائل الإعلام على تسخير المشاعر و توظيف العواطف للتأثير على عقل الإنسان. و جعله يتخذ قرارات تتماشى مع ما تريد النخبة.

تساقط كتل الجليد بسبب الاحتباس الحراري كما تصرح المؤسسات الرسمية.

لهذا، رافقت مشكلة الاحتباس الحراري عدة تخوفات تجلت بشكل أساسي في الادعاء بارتفاع درجة حرارة الأرض. التي ستعمل على إذابة جليد القطب الشمالي مما يهدد بغرق عدة مدن بمختلف دول العالم. و تم تصوير سقوط عدة كتل جليدية تزامنت مع نشر صور دب قطبي يشكو من الضعف. وتستهدف كل تلك الصور تخويف الإنسان من أجل تغيير أفكاره و وعيه كما سلف الذكر. لكن في الجانب المقابل قام مجموعة من العلماء الصينيين بدراسة مجموعة من جزر المحيط الهادي لمعرفة التغير الحاصل على مساحة تلك الجزر. و تبين لأولئك العلماء من خلال تلك الدراسة. التي دامت ثلاثة عقود أن مساحة الجزر لم تتغير، بل إن البعض منها قد ازدادت مساحتها. و هذا يدحض فكرة ارتفاع مستوى مياه سطح البحر بسبب الاحتباس الحراري.

الدب المفترى عليه

تسييس المناخ

لكن هذه الأبحاث لا تعترف بها الأمم المتحدة و تصنفها ضمن “نظرية المؤامرة”. و عوض التجاوب معها تمضي قدما في مسلسل التضليل. حيث قام علماؤها بنحت مصطلح التحول المناخي كبديل لخدعة الاحتباس الحراري من أجل تسريع تنزيل أجندة التنمية المستدامة لسنة 2030. لهذا لا تتوقف المؤتمرات عن القول بأن الاستهلاك البشري للوقود الأحفوري. و الزراعة و تربية الماشية يعد سببا مباشرا في التحول المناخي. مما يفرض التخلي عن الذهب الأسود. و التخلص من الماشية و التوقف عن زراعة التربة حتى لا تتفاقم حدة المشاكل المناخية. و وضح روبرت روس (عضو البرلمان الأوروبي) الغايات الحقيقية من وراء ذلك.”إذا كنت تريد السيطرة على الناس، عليك التحكم في ثاني أكسيد الكربون – لأن كل ما نقوم به في الحياة، التنفس، العيش، السفر، الأكل، و كل ما نفعله في الحياة يؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون. فإذا تمكنت من التحكم في ثاني أكسيد الكربون، يمكنك التحكم في الناس”.

إذن لم يعد التحول المناخي قضية بيئية خالصة. بل صار قضية سياسية في يد الدولة العميقة التي تسعى من خلالها إلى هيكلة العالم في كتل إقليمية تمهيدا لما بعد 2030. و خلق إنسان جديد يتطابق مع المعايير التي تضعها النخبة من أجل تيسير تنزيل أجندة صفر انبعاث سنة 2050.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *