المزارع و مربي الماشية.. يعيشان تحت التهديد.

أصبح الفلاح في السنين الأخيرة يعيش تحت التهديد المستمر من طرف المؤسسات الدولية الكبرى الساهرة على قضايا المناخ التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية. و قضايا المناخ هذه، باتت الشغل الشاغل للمؤتمرات و اللقاءات التي تعقد بين الفينة و الأخرى. و كان آخرها قمة “مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ” “Agriculture Innovation Mission for Climate”. التي أقيمت في واشنطن ما بين 08 – 10 ماي الماضي 2023.

و قد أشرف على أشغال القمة جون كيري المبعوث الأمريكي لشؤون المناخ في حكومة جو بايدن. الذي يعتبر أن ” الابتكار ليس فقط مفتاحا لمواصلة إطعام العالم في مناخ متغير. و لكن أيضا لإنشاء أنظمة غذائية أكثر حداثة و مرونة و ازدهارا”. و المهمة هذه لا تمولها أمريكا لوحدها، بل تشارك فيها دول أخرى لذلك جون كيري فخور ” بأن شركاء “مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ” قد تجاوزوا بالفعل هدف الالتزام الاستثماري البالغ 10 مليارات دولار الذي تم تحديده العام الماضي في قمة المناخ 27 COP [مصر 2022]، كما أضاف أيضا “أعلم أن التعاون الذي يجري في قمة “مهمة الابتكار الزراعي من أجل المناخ” سيساعد في تحفيز تأثير أكبر على الطريق إلى COP28  في دبي و خارجها”.

بعض قضايا القمة:

بفعل مهمته المتعلقة بالمناخ و التحول المناخي، قال جون كيري بأن الأراضي الزراعية تبعث الكثير من النيتروجين. و هذا حسب الأجندة الخضراء التي وضعها المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF). و الأمم المتحدة (UN) يشكل تهديدا كبيرا للحياة على الكوكب.

فهم يتحججون بعدد السكان المرتفع و أن الموارد الزراعية لا تغطي احتياجاتهم. و في ظل النشاط الزراعي المكثف. فإن مشكلة تغير المناخ لا يمكن أن تجد حلا دون معالجة انبعاثات قطاع الأنشطة الزراعية. و التي يجب أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية في مقدمتها.

كما أكد وزير الخارجية السابق، أن الزراعة تساهم بنحو 33٪ من جميع انبعاثات العالم، و إن بقي العالم يسير بنفس الوضع السابق فإن ذلك  يؤخر  الوصول إلى صافي الصفر[NET ZERO]، أي أجندة 2050. و عدم تخفيف الانبعاثات الكربونية سيرفع الحرارة بدرجتين مما “قد يؤدي إلى عدم حصول 600 مليون شخص على ما يكفي من الطعام”. و لم ينس التنبيه لخطورة الاحتباس الحراري، “لا يمكنك الاستمرار في تدفئة الكوكب بينما تتوقع أيضًا إطعامه.”

والإجراءات هذه لاتخص الولايات المتحدة الأمريكية لوحدها، بل تطبقها جل (إن لم نقل كل) دول العالم، حيث صادق مجلس إدارة الاتحاد الأوربي رسميًا على إجراءات تجبر المزارعين على إخلاء أراضيهم بحجة أن الأراضي الزراعية تتسبب في انبعاث نسب كبيرة من النيتروجين كما سبقت الإشارة لذلك.

انخراط دولي في أجندة المناخ:

لدرجة أن الحكومة في أيرلندا تفكر في خطة لقتل مئات الآلاف من الأبقار، و ذلك من خلال تقرير جديد لوزارة الزراعة يظهر أن المسؤولين يخططون لقتل 200 ألف بقرة حلوب خلال السنوات الثلاث المقبلة بهدف مكافحة تغير المناخ.

قتل الأبقار يجعل الفلاح يعيش تحت التهديد بشكل مستمر.
ضيعة لتربية الأبقار – إيرلندا

و لا يقتصر الأمر على إيرلندا، فقد انخرطت عدة دول أخرى في أجندة المناخ التي تعتبر أن الإنتاج الحيواني – خاصة الأبقار- أصبح مشكلة تهدد مناخ الكوكب، و لتعزيز أجندة المناخ هذه، وقعت إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن اتفاقية عالمية مع 12 دولة لتقليل الزراعة من أجل “إنقاذ الكوكب” من “تغير المناخ”. و سمي هذا الاتفاق “التعهد العالمي بشأن الميثان”، و هو التزام يضع المزارعين تحت قيود جديدة لخفض انبعاثات غاز الميثان.

 الدول التي وقعت الاتفاقية:

الأرجنتين

أستراليا

البرازيل

بوركينا فاسو

تشيلي

الجمهورية التشيكية

الاكوادور

ألمانيا

بنما

بيرو

إسبانيا

أوروغواي.

و الأجندة لا تُطبق على أرض الواقع إلا من خلال المؤسسات التي تسهر و تنفذ المخططات، و التعهد الخاص بتقليل غاز الميثان يرعاه “المركز العالمي للميثان” الذي تم إنشاؤه أثناء القمة 26 للمناخ سنة 2021، حيث قال مارسيلو مينا، الرئيس التنفيذي للمركز، “نهنئ البلدان الراغبة في تولي زمام المبادرة في تخفيف غاز الميثان في النظم الغذائية، و نؤكد التزامنا بدعم هذا النوع من المبادرات من خلال البرامج التي تستكشف تقنيات واعدة لتخفيف غاز الميثان و الأبحاث الداعمة لآليات التخفيف من غاز الميثان لإنشاء تقنيات جديدة “.   

لكن الأمر الغريب في كل هذا، أن الزراعة توفر الحاجيات الغذائية لملايير من البشر على سطح الأرض، و التفكير في مصادرة الأراضي و تجريم الأنشطة الزراعية يقود إلى تعميم المجاعة على كل دول العالم، لكن الخطير في الأمر أن الأثرياء يسيطرون على الأراضي مثل بيل غيتس الذي يكتسح المساحات الصالحة للزراعة في أمريكا، و قس على ذلك أثرياء العالم، فأجندة 2050 و الأجندة الخضراء، أجندة سوداء ترمي لتجويع شعوب العالم و الهيمنة على قوتهم اليومي لإجبارهم على تقبل شروط الحكم الواحد.

تهديد مشترك:

و التهديد الذي يلاحق المزارع، يخص مربي الماشية أيضا، فالماشية أيضا تتسبب في ارتفاع  غازات الاحتباس الحراري خاصة الميثان الذي يعتبر حسب هذه الأجندة الخضراء أكثر خطورة من ثاني أكسيد الكربون، و الحل الذي يقدمه هؤلاء ينصب على التقليل من انبعاثات الميثان، و ذلك لن يتحقق إلا عبر تقليص رؤوس الماشية، و هذا سينعكس سلبا على أسعار اللحوم التي باتت تعرف ارتفاعا كبيرا، و كما يكتوي المستهلك بنار الأسعار، فإن مربي الماشية أيضا يعاني مع أسعار العلف المرتفعة و التكاليف الباهظة، و التكاليف هذه لن تنخفض بل سترتفع حتى يتخلص مربي الماشية عن نشاطه، و حتى يضطر المستهلك إلى الإقلاع عن أكل اللحوم الحمراء، و ما أسعار أكباش عيد الأضحى الملتهبة هذه الأيام إلا انعكاس لهذه السياسة، حيث يصعب على المواطن البسيط توفير ثمن عيد الأضحى الذي تسعى تلك المؤتمرات إلى إلغائه.

و تبعات هذه الأجندة ستكون كارثية على الشعوب التي ستكابد الويلات من جراء المجاعة و تكاليف العيش المرتفعة.

للإشارة فقط، الأجندة الخضراء التي تقلص مساحات الأراضي الزراعية و رؤوس الماشية تقترح اللحوم و الأغذية المعدلة جينيا كبديل أمام المستهلك حتى يقلل من تذمره و يرضى بقدره المفروض عليه، و هذا طبعا حسب الأجندة الخضراء جوهر الابتكار و التجديد، و هو نفس الخطاب الذي يردده “كلوس شواب” رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي”، و الأجندة هذه كلها تصب في مخطط الحكومة العالمية الواحدة التي تسعى الدولة العميقة لفرضها على دول العالم.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *