من الحجر الصحي إلى الحجر المناخي

بدأ بيل غيتس الحديث عن جائحة كبيرة و حرب بيولوجية قاتلة منذ سنة 2015، و حلت سنة 2019 و بعدها 2020 و حل معها فيروس كورونا الذي خلف آثارا سلبية على الاقتصاد و المجتمع، و على صحة الإنسان و نفسيته. ويمكن أن يعود الحجر من جديد، لكن هذه المرة لن يتم فرض الحجر الصحي بقدر ما سيتم فرض الحجر المناخي. ف”بيل غيتس” لم يعد يتحدث عن الفيروس أو التلقيح بل أصبح كل حديثه ينصب على المناخ:. التحول المناخي، الغازات الدفيئة، خطر الاحتباس الحراري، تزايد منسوب مياه البحر… 

و للتحسيس بخطورة ” الاحتباس الحراري” اجتمع قادة الدول السبع الكبار في cornwall في بريطانيا ما بين 11-13 يونيو سنة 2021 و خرجوا بست توصيات هي:

  • إنهاء الجائحة و الاستعداد للمستقبل عبر توجيه جهد دولي قوي و البدئ على الفور بإيصال تطعيمات آمنة لأكبر عدد ممكن من الناس. 
  • إعادة تنشيط اقتصادنا من خلال الدفع بخطط التعافي التي تعتمد على 12 تريليون دولار الذي وضعناه خلال فترة الوباء.
  • تأمين ازدهارنا المستقبلي من خلال الدفاع بتجارة أكثر حرية و إنصافًا ضمن نظام تجاري تم إصلاحه، و اقتصاد عالمي أكثر مرونة.
  • حماية كوكبنا من خلال دعم ثورة خضراء تخلق فرص عمل، تخفيض الانبعاثات و السعي للحد من ارتفاع درجة الحرارة إلى 1.5 درجات، نلتزم بصافي صفري( صفر كاربون) في موعد لا يتجاوز عام 2050 ، و خفض انبعاثاتنا الجماعية إلى النصف على مدى العقدين حتى عام 2030، و زيادة التمويل المناخي و تحسينه حتى عام 2025؛ و الحفاظ على أو حماية ما لا يقل عن 30 في المائة من أراضينا و محيطاتنا بحلول عام 2030. و نقر بواجبنا في حماية الأجيال. 
  • تعزيز شراكاتنا مع الآخرين حول العالم.
  • احتضان قيمنا كأساس للنجاح في عالم دائم التغير.

ما وراء حماية الأرض

فهذه النقط الستة توحي بما يرمي إليه قادة العالم ظاهريا: الأمن، الأمان، الحرية، الحماية و الازدهار، لكن باطنيا ليس هذا هو المقصود. سنركز هنا على النقطة التي تخص المناخ:

يقولون أنهم سيعملون على حماية الأرض من خلال: توفير فرص الشغل، تخفيض الانبعاثات، تخفيض درجة الحرارة و توفير التمويل لمشاريع المناخ.و لكن تخفيض انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون يعني إنهاء صناعة استخراج و تكرير الموارد الطاقية و القضاء على العديد من فرص الشغل، و فرض إجراءات صارمة على الدول من قبيل منع سياقة السيارات ذات محرك الوقود، و فرض غرامات على غير الملتزمين مثلما هو الوضع مع إجراءات كورونا، ف”مع انتشار COVID-19 […] قامت الحكومات بإغلاق من أجل منع حالة طوارئ الصحة العامة من الخروج عن نطاق السيطرة. في المستقبل القريب قد يحتاج العالم إلى عمليات الإغلاق مرة أخرى – هذه المرة لمعالجة حالة طوارئ مناخية“(الحجر المناخي).

و الإغلاق المناخي -الحجر المناخي- لن يقتصر على منع السيارات و منع الشركات النفطية من التنقيب. بل سيتم منع استهلاك اللحوم الحمراء بدعوى أن الماشية تتسبب في انبعاث غاز الميثان الذي يفوق خطورة ثاني أكسيد الكربون. حيث ” يتطلب إنتاج باوند واحد من اللحم تسعة باوندات من الحبوب [العلف]. ويعني ذلك أن 11 بالمئة فقط من العلف تذهب لإنتاج شريحة اللحم ذاتها. مما يعني أن البقية إما أُحرقت على شكل طاقة في عملية التحويل و استخدمت من أجل المحافظة على الوظائف الطبيعية للجسم، و إما إنها استخرجت أو جرى امتصاصها في أجزاء الجسم غير القابلة للأكل، مثل الشعر أو العظام. و إننا نتذمر من عدم كفاءة الطاقة و الهدر الناتج عن قيادة سيارات تلتهم الوقود. لكن عدم كفاءة الطاقة و هدرها هما أسوأ بكثير في حالة وجبة غذائية تعتمد على اللحم”¹.

انخراط السعودية في المخطط

لذلك، فقادة العالم يقلقهم استهلاك اللحوم الحمراء الذي يؤثر على مناخ الكوكب، ويعملون جاهدين على توفير لحوم اصطناعية خالية من أي منفعة غذائية. و بيل غيتس يدعو الدول الغربية و من خلالها كل دول العالم إلى استهلاك هذه اللحوم. ( ستوفرها مصانع بيل غيتس و جيف بيزوس). و السعودية كدولة منخرطة في مخطط 2030 وضعت” عددا من الأهداف الاستراتيجية المتعلقة بقطاع الثروة الحيوانية. من ضمنها تخفيض عدد رؤوس الماشية المحلية بنسبة 40%. جاء ذلك في سياق الاستراتيجية الوطنية للزراعة و الملخص التنفيذي لعام 2030، التي أعدتها وزارة البيئة و المياه و الزراعة.”

فالنخب الحاكمة تضع مخططاتها و تُلزم بها دول العالم التي انخرطت في تنزيل رؤية 2030. فالأمم المتحدة و من يدور في فلكها أنهت كل مشاكل الأرض و انتقلت إلى السماء من أجل [حماية مناخ القارات ].

السعودية منخرطة بقوة في رؤية 2030

فهذه المنظمات و هؤلاء المخططون لا تهمهم الأضرار الناجمة عن استهلاك اللحوم المصنعة. لكن يشمئزون من اللحوم الحمراء و يريدون إقناع العالم “بأن الأبقار و أنواع الماشية الأخرى تعتبر ثاني أكبر مساهم في التغير المناخي بعد الأبنية، و هي تنتج 18٪ من انبعاثات الغازات الدفيئة. وتعتبر هذه الكمية أكبر من تلك الناتجة عن النقل في كافة أنحاء العالم. فتنتج الماشية- و معظمها من الأبقار و الثيران- 9٪ من غاز ثاني أوكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الاقتصادية التي يقوم بها الإنسان. وذلك لأنها تنتج حصة أكبر من الغازات الدفيئة الأكثر إيذاء. و تعتبر الماشية كذلك مسؤولة عن 65٪ من انبعاثات أكسيد النيتروز. والذي يعتبر تأثيره على التسخين العالمي أكبر بثلاثمئة مرة من تأثير ثاني أكسيد الكربون. وتأتي معظم انبعاثات أكسيد النيتروز من السماد. وتساهم الماشية كذلك في انبعاث 37٪ من مجموع كمية الميثان الناتج عن البشر، وهو غاز يفوق غاز ثاني أكسيد الكربون بمقدار 23٪ بالنسبة إلى تسخن هذا الكوكب”². 

القضاء على الشعائر الدينية

فهؤلاء الأشخاص القلة يؤكدون بأن” علينا إصلاح هياكلنا الاقتصادية و القيام بالرأسمالية بشكل مختلف […] تتطلب معالجة هذه الأزمة الثلاثية إعادة توجيه أنظمة حوكمة الشركات و التمويل و السياسة و الطاقة نحو تحول اقتصادي أخضر […] هناك حاجة إلى المزيد لتحقيق التعافي الأخضر و المستدام […] نريد تحويل مستقبل العمل و النقل و استخدام الطاقة.

فقضية التحول المناخي ستمكن النخبة من إحداث تغيير كبير على عدة مستويات: اقتصادية، اجتماعية، مالية، طاقية، و ثقافية أيضا. و لسان حالهم يقول” نحن نقترب من نقطة تحول بشأن تغير المناخ، و تتطلب حماية مستقبل الحضارة تدخلات دراماتيكية […] بطريقة أو بأخرى، التغيير الجذري أمر لا مفر منه. مهمتنا هي التأكد من أننا نحقق التغيير الذي نريده – بينما لا يزال لدينا الخيار”. و يضيفون أيضا ” من الواضح أننا لا نريد حبسك داخل منزلك ونجبرك على تناول مكعبات فول الصويا المصنعة وأخذ سياراتك. ولكن قد نضطر إلى ذلك، إذا لم تأخذ بنصيحتنا.

فكل كلام النخبة يجب تطبيقه لأنهم يفكرون لصالح البشر و تهمهم روح الإنسان. و لا يجب السخرية من الإجراءات التي تم سنها لأن ذلك يروم الحفاظ على الحياة على الكوكب الأزرق. هكذا يعلق الساسة و الإعلاميون على ما يُقرر في المؤتمرات. لكن، الحقيقة المخفية ستقود إلى إحداث مجاعة و أزمة عطش قاتلة. وفي سياق هذا الكلام يقول فرانس زيمرمان ( نائب رئيس اللجنة الأوربية):.سيتعين على كبار السن تقديم تضحيات في مكافحة تغير المناخ أو سيواجه أطفال اليوم مستقبلًا من الحروب من أجل الماء و الغذاء“. 

كما أن الأمر سيتطور إلى التضييق على الشعائر الدينية خاصة الحج و عيد الأضحى التي ستصبح في عداد الممنوعات لأن الماشية تتسبب في رفع حدة الاحتباس الحراري حسب زعمهم.

قمة المناخ 26-اسكتلندا

في خضم الأزمات الصحية و الاقتصادية التي أعقبت جائحة كورونا. احتضنت أسكتلندا مؤتمر دول الأطراف 26 بمدينة Glasgow  من 31 أكتوبر إلى 12 نونبر، و خرج المْتمر بأربعة أهداف كبرى:

  • الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050 و إبقاء ظاهرة الاحتباس الحراري أقل من +1.5 درجة مئوية.
  • التكيف لحماية المجتمعات و البيئات الطبيعية، و لا سيما تلك الأكثر عرضة للتهديد بسبب تغير المناخ.
  • تعبئة التمويل المتعلق بالمناخ (ما لا يقل عن 100 مليار دولار أمريكي سنوياً) لتحقيق الهدفين الأولين.
  • العمل معا لتحقيق الحياد الكربوني: لا يمكن التغلب على تحديات أزمة المناخ إلا بانخراط الجميع.

لتحقيق هذه الأهداف يجب العمل على تفعيل الاستراتيجيات التالية:

  • إزالة الكربون من قطاع النقل من خلال تعزيز خيارات النقل المستدامة و تحسينها، مثل السيارات الكهربائية.
  • حماية و تجديد النظم البيئية من خلال بناء أنظمة دفاعية أو اعتماد الزراعة العضوية.
  • تعزيز قطاع الطاقة المتجددة.
  • تحسين كفاءة الطاقة في المباني من خلال مبادئ البناء البيئي، مثل تركيب الألواح الشمسية.
قمة المناخ 26 – اسكتلندا

و قد تواصلت إجراءات التخلي عن اللحوم الطبيعية في قمة المناخ 27  التي أقيمت سنة 2022 بشرم الشيخ – مصر تحت رعاية الأمم المتحدة. لذلك بتنا نلاحظ في الفترة الحالية ارتفاعات صاروخية في أسعار اللحوم و أثمنة أكباش الأضاحي على حد سواء. مما يثقل كاهل المواطنين. و ستبقى الأسعار في ارتفاع حتى يقلع الناس من تلقاء أنفسهم عن عيد الأضحى. و ذاك ما تريده المؤسسات الكبرى التي تحتج بالتحول المناخي.

التلقيح المناخي

من أجل التخفيف من حدة التحول المناخي”أعلنت شركة ArkeaBio أنها تعمل على تطوير لقاح جديد من أجل تطعيم الماشية بهدف مكافحة تغير المناخ. فاللقاح الذي تقوم الشركة بتطويره صُمم لمنع الحيوانات من إطلاق انبعاثات الميثان. فبمجرد التطعيم بلقاح AkreaBio، من المفترض أن يصنع الجهاز المناعي للحيوان أجسامًا مضادة تستهدف الميكروبات المنتجة للميثان. و لتوضيح ذلك تقول الشركة:. “يسمح نهجنا القائم على التطعيم بإزالة الكربون الذي تشتد الحاجة إليه من اللحوم و منتجات الألبان العالمية عبر مناطق جغرافية متعددة. مما يدعم استدامة أكبر في الزراعة”. و ليست الماشية المسؤول الوحيد عن انبعاثات غاز الميثان، بل الإنسان أيضا يعتبر مسؤولا حسب المؤسسات الدولية الكبرى، نظرا لأن ”الميثان و أكسيد النيتروز الموجودين في الهواء الذي نقوم بزفيره، يشكلان ما يصل إلى 0.1 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة في المملكة المتحدة“.

يعتبر الانتقال من الحجر الصحي إلى الحجر المناخي أهم مخططات منظمة الصحة العالمية.
التلقيح المناخي من أجل الحد من التحول المناخي

لذلك، يبدو أن اللقاحات المناخية التي تستهدف الإنسان قيد الإعداد. حيث قام باحثون في شركة Gingko Bioworks . وهي شركة للتكنولوجيا الحيوية مدعومة أيضا من بيل غيتس. بطرح حقن mRNA كإجراء للتخفيف من تأثير ظاهرة الاحتباس الحراري. كما أعرب المنتدى الاقتصادي العالمي عن دعمه للقاحات المناخية. وما دام الميثان مشتركا بين الماشية و الإنسان. فإن التلقيح الذي تريد شركة ArkeaBio تطعيمه للماشية ستسعى لفرضه على الإنسان بدعوى التخفيف من حدة التحول المناخي والتنمية المستدامة. لذلك غير مستبعد أن يفرض الحجر المناخي من أجل تخويف الشعوب و قيادتهم نحو أخذ جرعات جديدة من التلقيح.

استهداف الإنسان

فكل هذه المخططات و الإجراءات ترمي لتحقيق رؤية صفر كربون 2050، من أجل السيطرة على الموارد و الإنسان. فالعصابة الحاكمة تريد خنق البشر بحرب نفسية مدمرة و إحاطتهم بسياج من الخوف حتى تتمكن من تمرير مخططات إعادة الضبط الكبرى. 

فالحرب قائمة الآن على الإنسان و إرادته و حريته التي تسعى النخبة لسلبها منه و دمجه مع الآلة لكي يفقد جزءا كبيرا من هويته البشرية الآدمية و يصبح مواطنا رقميا بهوية عابرة للقارات. فتجربة كورونا و ما سيأتي بعدها ستعمق جراح المجتمع الذي بات لعبة في يد النخبة الخفية التي تسعى لاستعباد الإنسان من خلال أجندة 2030 و أجندة الأمم المتحدة للقرن 21.

فنحن بشر مستضعفون و لا قيمة لنا في نظرهم، لكن بالإيمان بالله أولا و بأنفسنا ثانيا و بالاتحاد ثالثا نستطيع التقليل من الصدمة و استعادة الثقة في أنفسنا كي لا نصاب بانهيار و سقوط حر في خندق الأبالسة. 

_________________________________________________

مراجع المقال:

¹: الثورة الصناعية الثالثة، كيف تغير القوة الموازية الطاقة و الاقتصاد و العالم، جيريمي ريفكن، الدار العربية للعلوم ناشرون، ترجمة سعيد الحسنية، ص 254.

² :الثورة الصناعية الثالثة، كيف تغير القوة الموازية الطاقة و الاقتصاد و العالم، جيريمي ريفكن، مرجع سابق، ص 256.

اترك ردّاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *